يشكل المعرض – الحدث، "الهيب هوب: من برونكس الى الشوارع العربية"، الممتد على طبقتين ومساحة ألف متر في "معهد العالم العربي" في باريس، مناسبة للتعرف إلى
يشكل المعرض – الحدث، “الهيب هوب: من برونكس الى الشوارع العربية”، الممتد على طبقتين ومساحة ألف متر في “معهد العالم العربي” في باريس، مناسبة للتعرف إلى تيار فني سريع النمو لكن شديد التهميش وخصوصا في الثقافة العربية. يلقي المعرض إضاءة أخرى على “الربيع العربي” الذي يبدو في دوام ازدهار إذا ما تجاوزنا قليلاً سطح الحوادث. هذا ما شعرت به بعد جولة استمرت أكثر من ساعتين في أرجاء المعرض.
منذ خطواتي الأولى في المدخل الضيق المؤدي الى الباحة الرئيسية للمعرض تملكني شعور بالألفة والغرابة في آن واحد. صوت فيروز المختلط بغناء ايقاعي أجنبي، الستريوات، الكاسيتات وصور المغنين والبوسترات، هذا كلّه مألوف لكنه يبدو عصياً على إدراكي. ماذا يجمع هذه الأشياء المعروضة باتقان في هذا المكان؟
تتخطى زيارة المعرض مجرد التجوال والتطلع في أرجاء المكان كما نفعل عادة في المعارض. انها تجربة ومشاهدة في آن واحد. فسرعان ما تذوب سحنات الزوار من الشابات والشبان والكهول من الجنسيات المختلفة في الصور المعروضة، كأنهم جزء من المعرض. كثير من الحضور شبان في عمر المراهقة، “يبعطون” في الردهات كالسمك في الماء. يضعون السماعات المعلقة على الجدران، يفترشون الأرض أمام شاشات ضخمة لمشاهدة “دي جاي” يلعب بأقراص الموسيقى فيؤلف لحناً جديداً، ويصعدون الى درج مركّب من كتب. لن تشعر بالغربة، حتى إن لم تكن ضالعاً في هذه الفنون، فذكاء التصميم يوحي بأن شخصاً عارفاً يرافقك أينما خطوت، يدلك على الطريق، على الأشياء والصور والأفلام والأصوات التي يحويها المكان. انه باختصار معرض يستدرجك و”يبلفك” إذا ما أتيته متعالياً لأنك ستكتشف انه “غابت عنك أشياء”.
العالم العربي والمهجر
تقول المحاضِرة في “معهد العالم العربي” سيلفي سوشيوتو، ان الهيب هوب في العالم العربي تعبير عن تحدي الشباب للسلطات. هي لم تحاول محاربة هذا الفن لأنها لم تره، لانه غير منتظم، ولا بنية له، متقطع وآني. هذا ربما يفسر الثورات العربية في بدئها إذ انها لم تلفت السلطات السياسية. لم تقع في دائرة المتوقع. كأنها هيب هوب سياسي.
ليس هناك تدوين للهيب هوب في العالم العربي، وفق المحاضِرة. فالاهتمام بالموضوع جاء متأخراً، فبدأ البحث عن نصوص وأغراض وصور وتسجيلات وأفلام ورسوم وكاسيتات ومسجلات…الخ. من هنا الجهد المميز لهذا المعرض. فهو يوحي بأنك ستفتح ابواباً وتصعد أدراجاً لتكتشف خباياه. كما انه يستخدم الزوايا والممرات والجدران للإيحاء بأماكن تسكع وتجمع للشبان في الشوارع.
تقول مالكة، مغنّية الراب اللبنانية، عبر فيديو في إحدى قاعات المعرض، وهي تتحدث بثلاث لغات كنموذج للبنانيين البالغي العولمة والشديدي المحلية في آن واحد: “فنون الشارع هي رد على حروب الشوارع”، التي خبرتها في طفولتها ويختبرها اليوم للأسف أغلب الشباب العربي.
أما المهاجرون العرب، بالأحرى أبناؤهم المولودون في فرنسا، فوجدوا في الهيب هوب ملجأ للإقامة في بلدان المهجر. مثلهم مثل الشابة ميا لوف، أول عضوة سوداء البشرة في الحزب الجمهوري الأميركي تدخل الكونغرس الأميركي. تقول: “أتى اهلي الى أميركا وفي جيبهم 10 دولارات، مؤمنين أن اميركا التي سمعوا عنها موجودة بالفعل لكن حين ساءت بهم الأحوال، لم يتطلعوا صوب واشنطن بل في دواخلهم”.
للمزيد:
النهار: فنون-الهيب-هوب-من-برونكس-الى-الأشرفية-والشوارع-العربية